رحلة الإسراء والمعراج: القصة الكاملة
"اقرأ القصة الكاملة لرحلة الإسراء والمعراج، وكيف أسرى الله بنبيه من مكة إلى القدس ثم عرج به إلى السماوات، وأهم الدروس االمستفاده
**رحلة الإسراء والمعراج: القصة كاملة**
**مقدمة**
تُعتبر رحلة الإسراء والمعراج من أبرز المعجزات التي منحها الله لنبيه محمد ﷺ. وقد كانت هذه الرحلة استثنائية، إذ ربطت بين الأرض والسماء، وبين عالم الشهادة والغيب. حدثت في زمن كان النبي ﷺ يواجه فيه تحديات كبيرة، بعد عام الحزن الذي فقد فيه زوجته خديجة رضي الله عنها وعمه أبو طالب، وزادت فيه معاناة قريش له ولأصحابه. لذا جاءت هذه الرحلة بمثابة تكريم وتسلية، وكانت فرصة لتأكيد الإيمان.
---
**بداية القصة: الإسراء**
في ليلة مميزة، حضر جبريل عليه السلام إلى النبي ﷺ وهو بمكة، عند الكعبة. أخذ النبي إلى المسجد الحرام، حيث تم شق صدره وغسل قلبه بماء زمزم، وامتلأ إيمانًا وعلمًا. ثم قدم له دابة بيضاء تُدعى البراق، التي تسرع بخطواتها. ركب النبي ﷺ البراق وبدأ رحلته العجيبة.
انطلق البراق بسرعة حتى وصل النبي ﷺ إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس. هناك ربط دابته بحلقة تُستخدم لربط دواب الأنبياء، ثم دخل المسجد وصلى ركعتين تحية، واجتمع بالأنبياء السابقين، حيث أمّهم عليه الصلاة والسلام.
---
**بداية المعراج إلى السماوات**
بعد ذلك، بدأ الجزء الثاني من الرحلة، المعراج، وهو الصعود إلى السماوات. كان جبريل يرافق النبي ﷺ، فصعدا معًا من سماء إلى أخرى، حيث كان يتم استئذان دخولهما في كل سماء، فتُفتح الأبواب ويُستقبل النبي ﷺ.
في السماء الأولى، التقى بآدم عليه السلام ورحب به، ورأى أرواح الشهداء عن يمينه والكافرين عن شماله. في السماء الثانية، التقيا بعيسى بن مريم ويحيى بن زكريا عليهما السلام. في السماء الثالثة، التقى بيوسف عليه السلام، الذي كان يتمتع بجمال كبير. في السماء الرابعة، لقي إدريس عليه السلام. في السماء الخامسة، التقيا بهارون عليه السلام. في السماء السادسة، لقي موسى عليه السلام، الذي أبدى حزنه لرؤية مكانة النبي ﷺ العالية. وفي السماء السابعة، التقى بإبراهيم عليه السلام، الذي كان مستندًا إلى البيت المعمور الذي يدور حوله سبعون ألف ملك يوميًا.
---
**سدرة المنتهى وما بعدها**
ثم واصل النبي ﷺ حتى وصل إلى سدرة المنتهى، شجرة عظيمة في نهاية السماوات، لا يعرف حقيقتها إلا الله، وقد وصفها النبي ﷺ بأنها ذات أوراق كآذان الفيلة وثمار كالقلال الضخمة. هناك غشيها من أمر الله فتغيرت ألوانها وزادت هيبتها.
ثم تم إدخاله الجنة، حيث رأى ما لا يمكن أن تراه عين أو يسمعه أذن أو يخطر على قلب بشر، ورأى نهر الكوثر الذي أُعطي له، بالإضافة إلى القصور المعدة للمؤمنين، كما عرضت له النار وما أُعد للكافرين من عذاب.
---
**فريضة الصلاة**
في تلك الليلة، فُرضت على الأمة الإسلامية أهم الفروض: الصلاة. في البداية، كانت خمسين صلاة في اليوم والليلة. بينما كان النبي ﷺ في طريق العودة، واجه موسى عليه السلام، الذي سأله عن فرض ربك على أمتك، فأخبره النبي ﷺ بذلك. فقال موسى: "إن أمتك لا تستطيع ذلك، فارجع إلى ربك واسأله التخفيف." واصل النبي ﷺ العودة إلى الله حتى خُفّضت الصلاة إلى خمس صلوات في اليوم والليلة مع احتفاظهم بأجر الخمسين. كانت الصلاة هدية عظيمة من فوق سبع سماوات، لتكون الوسيلة للاتصال بين العبد وربه.
---
**العودة إلى مكة**
بعد هذه الرحلة العظيمة، رجع النبي ﷺ إلى مكة في نفس الليلة. وعندما أخبر قومه بما حدث، أنكر المشركون ذلك وعدوه مستحيلاً، مما أدى إلى ارتداد بعض الذين كانوا ضعفاء الإيمان. لكن الله ثبّت المؤمنين، وكان لأبي بكر الصديق رضي الله عنه موقف خالد حين قال: "إذا كان قد قال فقد صدق، إني أصدقه في خبر السماء في صباح أو مساء." ومنذ تلك اللحظة، سُمي الصديق.
---
**الدروس المستفادة من الإسراء والمعراج**
1. تكريم النبي ﷺ وإظهار مكانته الكبيرة عند الله.
2. أهمية الصلاة كفريضة مُنزلًة مباشرة دون واسطة، فهي أساس الدين.
3. التثبيت بعد الابتلاء، حيث جاءت الرحلة بعد عام الحزن لتقوية قلب النبي ﷺ.
4. التأكيد على وحدة الرسالات، حيث اجتمع النبي مع الأنبياء جميعًا.
5. الإشارة إلى قدرة الله على كل شيء، إذ جمع بين الأرض والسماء في ليلة واحدة.
---
**خاتمة**
ستظل رحلة الإسراء والمعراج معجزة عظيمة ومصدر إيمان للأمة الإسلامية. فهي ليست مجرد حدث تاريخي، بل رسالة دائمة بأن الطاعة والعبادة هما الطريق إلى الرفعة، وأن الصلاة هي مفتاح العلاقة بين العبد وربه، وأن الله تعالى ينصر عباده ويرفع شأن نبيه مهما كان موقف الكافرين.

تعليقات
إرسال تعليق